حــب مـن أول نظـرة
الوقوع فى الحب شعور سحرى رائع, لايضاهية أى شعور أخر ,
فالعثور على شريك الحياة من الأشياء التى طالما يسعى إليها الأنسان سعياً حثيثاً, ليشعر
بالإكتفاء والراحة ويتوقف ليلتقط أنفاسة بعد تعب الرحلة, للإستمتاع بحياتة برفقة
شريك العمر, ولكن هل هذا ما يحدث فعلا ؟
من المفارقات العجيبة أنة فى نهاية رحلة البحث هذة ,
معظم حالات الزواج والإرتباط التى تقوم فقط على الحب ,أو مايسمى بالحب من أول نظرة
كما تشاع تسميتة, أغلبها لاتكتمل وتفشل فشلا ذريعاً, وقد أثبتت الأبحاث والإحصائيات
وفقاً لمركز بتلكو لرعاية العنف الأسري أن أكثر من نصف حالات الزواج التى
تقوم على الحب فقط تنتهى بالطلاق, والسؤال هنا لماذا يحدث هذا ؟
إذا إستـعرضنا مـا قـالة إستشارى العــلاقات الــزوجية "غــاري تشــابمان" فـي كتــابـه "The Five Love Languages" أو "لغات الحب الخمس" قد نجد الإجـابة, والذي كشف فيه عن أن جميع البشر يعبرون عن
مشاعر الحب بخمس طرق مختلفة، أطلق عليها "لغات الحب"، بمعنى أن
أى علاقة حب قائمة بين طرفين لابد لهما أن يتحدثا نفس لغة الحب لكي تصل مشاعر كل
منهما للآخر، وإلا فستبدأ الأمور السلبية والإتهامات والإنتقادات في الظهور, والتي
سرعان ما ستحول حياتهم إلى جحيم.
ولغات الحب تلك والتى حددها تشابمان في كتابه هي: (كلمات التشجيع -
تكريس الوقت - تبادل الهدايا - الأعمال الخدمية - الاتصال البدنى
). والأمر ببساطة هو أن الزوج قد يرى أنة يقدم كـل الحـب لزوجتـة خاصـة حينمـا يقـدم
لهـا كلمـات التشجيـع والتقـدير والثناء,
ويتحدث عنها بشكل جيد أمام أصدقاءها وأقاربها بينما هى لاتحتاج لهذا لتشعر بالراحة
والإشباع العاطفى , هى فقط تحتاج إلى مزيد من الإهتمام وتكريس الوقت, ومن هنا يُتَهَم
الزوج بأنة لايُقدم الحب الكافى لزوجتة.
وعلى العكس قد تشعر الزوجة أنها تقدم إلى
زوجها الحب متمثلاً فى الإهتمام الجسدى والإتصال البدنى بينما هو يشعر بالإشباع
العطفى من خـلال كلمـات التقـدير والثنـاء وهكـذا, هنا تظهر الخلافات والمشاكل حيث أن
كل منهما يتحدث بلغة لايفهمها الأخر ولا يحسها .
وإستكمالا لهذا فإننا لو نظرنا إلى الزواج القائم على
الحب الإنفعالى المتفجر فإننا نجد أن الطرفان لايركزان على التفاصيل الصغيرة قبل
الزواج التى تعمل على إنجاح العلاقة وإيجاد المشاعر الأخرى التى تقوى الحب وتساندة
كالتفاهم والإحترام والتضحية والإثار والمودة والرحمة وغيرها,فهو إذن زواج وإرتباط
خالى من المنطقية والواقعية.
ويكتمـل سينـاريو الفشـل عندمـا يتعرضـان لصـدمـة الواقـع ويجتمعـان تحــت سـقف واحــد, وتختفى صورة الفـارس
والاميرة من خيالهمـا ,ويبدأ كلاً منهما فى الشكوى والأنين من الأخر الذى تغير
وتبدل ,فى حين أن كلاً منهما لم يتغير ولكن الأصل أن الرؤية قد أتضحت لهما وظهرت
الصورة بكامل تفاصيلها.
هل فعلا الحب أعمـــى ..؟
للإجابة على هذا السؤال يجب هنا أن نوضح ما الذى يحدث
للمخ عندما نرى الشخص الذى جعلنا نشعر بالسعادة والحب من أول نظرة كما يقال, والسر
كلة فى الدوبامين أو هرمون السعادة كما يطلق علية فنحن عندما نرى هذا الشخص فإننا
نشعر بالسعادة لأن المخ يفرز هرمون الدوبامين الذى يعمل على زيادة دقات القلب
وتدفق الدم وإحمرار الوجة, ولكن تأثيرة يتلاشى تقريبا ويختفى بالعلاقة الجسدية بعد
الزواج, وهنا تظهر عيوب الأخر
حيث أن وجود عدم وجود الدوبامين يجعل المخ يرى العيوب
التى كان لايراها من قبل وهنا يعتقد كل طرف أن الأخر قد تغير ولكن الفكرة ان المخ
رأى وإستوعب عيوب الأخر والتى لم يكن يراها أثناء وجود إفراز الدوبامين.
ومن هنا يمكن أن نقول أن الحب يجعلنا فعلاً فى حالة عمى
مؤقت عن عيوب الأخر .
الـــقرأن والزواج
لو تأملنا ما جاء بة القرأن الكريم فى مسألة الزواج
والإرتباط حيث قال الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم. سنجد أن هذه الآية الكريمة، تتضمّن القاعدة
الكبرى التي يجب أن يقوم عليها أساس بناء الحياة الزَّوجية،ألا وهو المــودة
والـرحمـة وليس الحب فقط .
هــل هنـــاك حـــل
كما قلنـا سابقـاً يمكن أن يواجة الزوجـان اللـذان إرتبطـا
عـن حب فقط , الكثير من المشاكل والصعوبات التى كثيراً ماتـؤدى إلى حدوث الطلاق بينهما,
ولكن إذا كانت لديهم رغبة حقيقية لإنقاذ مايمكن إنقـاذة فى هذة العلاقة خاصة لو
كان لديهم اطفال, فيجب هنا أن يتعاونا ويحدث بينهما حوار جاد بمصارحة ومكاشفة
حقيقية, ويتخلا كلا منهما عن أنانيتـة وينظـر بإعتـبار لرغبـات ومشاعر وأحاسيس
الطرف الأخر, ويمكن أن يحدث هذا فى وجود إستشارى للعلاقات الزوجية إذا إستدعى
الأمر ليسـاعدهم على تجـاوز مايمكـن تجــاوزة لإنجاح هــذة العــلاقة .
تعليقات: 0
إرسال تعليق