حـــكاوى القـــهاوى
كنت
أجلس ذات يوم على أحد المقاهى الشهيرة, وسط إثنين من أصدقائى المقربين, نتجاذب أطراف
حديث شيق حول موضوعات عامة بكل هدوء, بعد أن طلبنا ثلاثه فناجين من القهوة التى
نعشقها.
حتى سقط من فم أحدنا المثل الشهير (تناول مايعجبك وإرتدى مايعجب
الناس) فألتقطة اّخر, وهنا هاجت الدنيا وماجت وسن كلاً منهما لسانة, وأستعد للدخول
فى مبارزة مع الاّخر, بين مؤيدٍ وبين مٌعارض بشدة لتلك المقولة, فالأول يرى أن هذة
المقولة صحيحة جداً, وتتوافق مع منظومة القيم التى يجب ان نؤمن ونتمسك بها, فالإنسان
حر فى تناول مايعجبة من أطعمة, ولكنة يجب أن يرتدى الملابس التى تعجب الناس
المحيطين بة, فهو زينة للناس ويجب أخذ رأى الناس فى الإعتبار, ولهم الأولوية فى
هذا.
والاّخر رافض تماماً لها ويرى أن الانسان قد خلقة الله حراً فى إختياراتة,
فيجب أن يتناول مايعجبة, ويرتدى مايعجبة, ويفعل مايعجبة, لأنة من المستحيل أن يرضى
جميع الناس, وذكر القصة الشهيرة لجحا وإبنة والحمار حيث لم يستطع جحا وقتها أن
يرضى جميع الناس فى كل الأحوال.
وبعد أكثر من نصف ساعة من النقاش المحتدم بينهم,
شمرت عن ساعدى, ووجهت حديثى لهما أننى أرفض فِهمَهم هما الإثنان لتلك المقولة كما
أننى لا أعترف بصحتها بنسبة كبيرة,فهى ينقصها شىء ما حتى تكون مكتملة .
وأوضحت
حديثى لهما قائلاً :- دعونا نزن هذا المثل بميزان القراّن والسنة وأيضا بميزان
القيم المجتمعية المتزنة والمتفق عليها, وهنا سنرى أن الانسان لن يستطيع أن يأكل أو
يشرب مايعجبة على أرض الواقع فقد يشتهى طعم الخمر أو يشتهى لحم الخنزير, وقد
يستهوية, لحم النسر أو الصقر, أو أن يتذوق لحم
الأسود أو الذئاب أو حتى الكلب فهذا ما نهانا عنة رسول الله صلى الله علية
وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير وقد نهانا الله تعالى عن أكل المنخنقة
والموقوذة والمتردية والنطيحة, وما أكل السبع, إلا إذا أدركنا الحيوان قبل أن يلفظ
انفاسة الاخيرة, أو ما تم ذبحة ولم يذكر اسم الله علية.
وما عدا ذلك فالأصل الإباحة فى أكل الطيبات وما
ينفعنا دون إسراف أو تبذير ,وعلى مستوى القيم المجتمعية والعادات إذا أراد أحدكم تناول خفاش أو عقرب أو
قام بإصطياد الذباب ليأكلة مثلا فى الغالب ستقوم زوجتة بعدم تقبيلة طيلة العمر هذا
إذا لم تضع لة فى فمة زجاجة مبيد حشرى أثناء نومة وتطلب النجدة لتبلغ عن حالة
كورونا محتملة ..!.
أما
بالنسبة إلى إرتداء مايعجب الناس, فالأولى أن نقول إرتدى مايرضى عنة الله تعالى فالأصل
فى الملابس, أن تستر العورة تتماشياُ مع قواعد الدين الإسلامى, وهنا لا يمكننا إرتداء
الحرير أو الذهب أو الملابس التى تعبر عن الخٌيلاء والتعالى حتى ولو أعجبت الناس,
وبعد ذلك يجب أن تكون الملابس مراعية للذوق وللثقافة وللأداب المجتمعية العامة,
فهل يصح مثلا حضور مأتم بملابس تخص
مناسبات الأفراح والأعياد, هل يصح أن نلبس ملابس العمل في إستقبال الضيوف
ومجالستهم , هل يصح إرتداء ملابس تكشف أجزاء كثيرة من الجسم ونحن داخل دور العبادة
.
ومن المفارقات الغريبة هنا أيضا أنة إذا حضرت سيدة
مصرية بالصدفة جنازة أحد الأفراد فى دولة المغرب الشقيق, ووجدت النساء هناك يذهبن
إلى العزاء بالملابس البيضا أو أى ألوان أخرى ماعدا الأسود, والزوجة تلبس الابيض
حداداً على زوجها لمدة اربعه أشهر وعشرة أيام ,كما هو الحال هناك, هل يجوز لها كسر
هذة القاعدة, وارتداء اللون الاسود كما يحدث فى مصر وذلك بعد ان اصبحت على دراية
بهذة العادة ..؟من غير المستحسن طبعاً
لذا
فأنا ارى ان هذا المثل يجب إعادة صياغتة مرة أخرى, بأن أتناول ماينفعنى ويتناسب مع
معتقداتى الدينية وأرتدى مايرضى الله ويتناسب مع القيم المجتمعية المعتدلة
والمتزنة.
وفى
ختام حديثى إقترب منا القهوجى, حاملا صِينِيَّة
القهوة وأحضر أيضا كرسى رابع ووضعة بجانبنا, والأن ياصديقى القارىء إذا قمت بدعوتك
الاّن لتشرب معنا فنجاناً من القهوة في أى
جانب ستجلس واضعاً هذا الكرسى الرابع ..؟
محمــــــد مشـــعل
لمتابعة كل ماهو جديد إضـغط هـنـا
محمــــــد مشـــعل
لمتابعة كل ماهو جديد إضـغط هـنـا
تعليقات: 0
إرسال تعليق