ورقــــــة شجــــر
أوراق
الشجر لها دور أكثر عمقاً وتأثيراً وأهمية فى حياة الشجرة, وهى لا تضفى عليها
رونقاً وجمالاً فقط, خاصة إذا كانت ذات لون أخضر رائع هادى مريح للاعصاب ولكنها هى
الجزء الأكثر أهمية .
فقد
أثبتت الأبحاث العلمية أنها الجزء المسئول عن إمداد الشجرة بالغذاء والطاقة, وهى أساس
عمليات أخرى تحدث داخل الشجرة, وتَعَرُض أوراق الشجرة للشمس يؤدى إلى مايسمى
بعملية البناء الضوئى, وهذة العملية هى بمثابة باعث الحياة للشجرة .
وتمر
ورقة الشجر الواحدة بالكثير من المتغيرات خلال دورة حياتها, ففى بداية حياتها تتميز
بوجود مادة الكلوروفيل بكمية كبيرة, تكسبها اللون الاخضر, وتكون فى ريعـان شبابهـا
وتعمـل بمنتهى النشاط لتـأدية وظيفتها, فتكـاد
ترى إنعكاس قوتهـا تحت أشعـة الشمـس.
ثم تمر الأيام عليهـا ليبـدأ الكلوروفيـل فـى
التناقص, وتبـدأ الورقة الدخول فى مرحلة الشيخوخة, ويبهت لونها الأخضر اللامـع
وتكتسب اللون الأصفـر الباهت, فى مايسمى بعملية الذبـول, وتبـدأ الشـجرة فى لفـظ
هذة الورقـة التى ظهـرت عليها علامـات العجز والشيخوخة , وهـذا خلافـا ً لمـا كـان
يظنة البعض قديما ً , أن رياح الخـريف هـى المسئولة فقط عن إسقـاط أوراق الشجـرة.
أخيراً
تسقـط ورقـة الشجر التى أصابهـا العجز ,خاليـة من أى أثر للحيـاة فى منظـر
دراماتيكى كأنها تنهـى حياتهـا بإرادتهـا, لتهبط على الارض وتستسلم لعملية التحلل وتتحول
لمواد بسيطة تتسرب إلى داخل التربة وترقد بين ذراتها فـى سلام .
إلى
هنا عزيزى القارىء لم تنتهى القصة, ولكنها قـد بدأت للتو داخل عقلى, جيث وجدت أن
حياتنـا تشبهة حياة تلك الورقة إلى حد كبير , فى عبورها من الضعف للقوة ,ثم من
القوة إلى الضعف والذبول , قدمت كثيراً للشجرة كما قدمنا نحن لحياتنا, سواء خيراً
او شراً , وتمسكت بها كثيرا كما نتمسك بحياتنا الدنيا لأقصى درجة.
وكما
أن لكل أول اخر ولكل بدايـة نهاية فى دورة الحياة, لفظتها الشجرة وتخلت عنها لتفسح
المجال لورقة اخرى يافعة قوية , لديها أيضا ماتقـدمة لتلك الشجرة , تماما كما تفعل
معنا الحياة ، تلفظنا لتعود بنا من حيث أتينا إلى التراب تاركين ورائنا أعمالنا
وبصمتنا فيها , لم نأخـذ منها سوى ضعفنا كما أتيناهـا أول مرة.
فى
النهاية, أتت الورقة بمفردها, ورحلت بمفردها ,كما جئناً فرادى وسنرحل فرادى وسنبعث
فرادى , ولا يسعنا الأن إلا أن نذكر قول الحق سبحانة وتعالى بسم الله الرحمن
الرحيم .. )وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ
أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى
مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ (صدق الله العظيم.
محمــــــد مشـــعل
محمــــــد مشـــعل
لمتابعـــة كل ماهو جديد إضغط هنا
تعليقات: 0
إرسال تعليق