عقارب الســـاعة
السفر عبر الزمن حلم يداعب الإنسان على طول الزمان ,وقد ظهرت
الكثير من أفلام الخيال العلمــى التى جسدت هذا الحلم على شاشات السينما العالمية
والمحلية ,وأيضا روايات الخيال العلمى لم تكد تخلو من الغوص فى أعماق هذا الحلم الرائع
.
وبصـرف النظـر عـن
إمكانيـة تحقيـق هذا الحلـم على أرض الواقـع, وسـواء أوجـدت النظـريات الفيزيائيـة
وتحـديداً النظـرية النسبيـة للعالم(ألبرت أينشتين) الحلول النظرية لهذا الأمر أم
لا.
فالمفاجأة هنا أن هناك من البشر بيننا فعلاً من
سافروا إلى الماضى ويعيشون فية ,وهناك أخرون سافروا إلى المستقبل ويعيشون فية .
أراك صديقـى القارىء تستنكر هذا الأمر وبدت عليك ملامح
الدهشة والتعجب, ولكنك لو أمعنت النظر جيداً سترى هذا بنفسك وكما يقولون أنظــر
حولك ... وسترى.
هـل وجــدتهـم ...؟ هل وجدت هؤلاء الركاب الذين ذهبوا
إلى ماضيهم بأيديهم وأغلقوا باب ألة الزمن عليهم, وإنطلقوا ليعيشـوا هناك فى
الماضــى, وحـدهم, وسط اّلامهم وأحزانهم وتوقفت بهم عقارب الساعـة هنـاك ففقـدوا
الحاضر والمستقبل لمجـرد فقـد عــزيز , أو فقد جــاة أو مــال, أو لمجرد تعرضهم
لصدمـة من صدمات الواقــع والحــاضر الأليمــة, فإستقلوا ألة الزمن داخل عقولهم
وذهبوا هناك فى ذكريات الماضـى وإستقـروا, وقـرروا عدم العودة من هناك متخذين
اليأس والتجارب المؤلمـة التى مرت بهم رفيقين أساسيين فى هذة الرحلة , جاعلين
البكــاء على الأطلال والبكــاء علـى اللبن المسكــوب شعاراً لهذة الرحلــة
الصعبة,بعضهم عالق فى هذة الرحلة , والبعض الأخر يجاهد لحجز تذكرة العودة من هناك.
هـل وجـدت ركــاب اّخـرون ذهبوا بأيديهــم للمستقبل,
ونســوا حاضـرهم وأصبحوا لايقلــقون ولايفكـرون إلا فـى المستقبل, وينظرون إليـة بعيــن
القلـق وعيــن الترقـب والخــوف ,متناسيــن أن المستقبــل بيـــد الله سبحــانـة
وتعالــى, فأصبحـــوا سجنــاء حالــة القلــق المستمــر من المستقبل علـى
أرزاقهــم ,وصحتهــم ,وأولادهــم ,وكل أمور حياتهم , ذهبوا كمن سبقوهم فى رحلــة
ولكن للمستقبـل متخذين الخوف والقلق رفيقين أساسيين فى هذة الرحلـــة , وهذا القلق من المستقبل وما يحمله من مفاجأت وتغيرات
تتخطى قدرة الإنسان على التكيف معها يجعل التوتر النفسي شديداً.
أريدك
يا صديقى القارىء أن تتفحص حقائب هؤلاء الركاب جميعاً ,سواء الذين ذهبوا للمستقبل
أو هؤلاء الذين ذهبوا للماضى , ستجدها بالتأكيد ممتلئة بالوحدة والإنعزال والإكتئاب والمرض النفســـى والمخاوف
التى لاتنتهـى.
ولو أمعنا النظر قليلاً ستجد أن سر تعاسـة البشر ومعاناتهم
تكون دائماً نتيجة هروبهم من حاضرهم
وواقعهم إلى ماضيهم , ومن حاضرهم إلى القلق على مستقبلهــم .
دعنا الأن نقدم إلى هؤلاء الركاب نصيحــة قد تدفعهم
للنزول من ألة الزمن تلك, ليعيشوا السعادة الحقيقيــة فى الحاضــر الذى يملكونـة
بالفعل , ونوضح لهم انهم إذا أرادوا أن
يتذوقوا طعم السعادة الحقيقية فى الحياة أن ينسوا المــاضى ويعيشوا فى حدود
اللحظــة الراهنــة ,يستمتعوا بحاضرهم ,يعملوا ليومهم هذا الذى هو هدية من السمـاء,
وأن يبتهجــوا بساعات يومهم وأن لا يأسوا على الماضى الذى تولى ومر وذهب ولن يعود
.
دعنا ننصح هؤلاء الركاب بأن لايفكروا فى المستقبل طويلا
وكثيراً, فيفقدوا جمال الساعة التى يعيشون فيها, وأن يعيشوا حدود اللحظة الراهنة
فهى فقط فرصتهم الوحيدة, والتى تمثل نقاط قوتهم بما انهم يملكونها فى أيديهم, فاللحظة التي ستأتي فلا يمكن التأكد من مجيئها.
لأنّ الإنسان قد يفقد حياتة فى أيّة لحظــة.
محمــــــد مشعــــــل
لمتــابعـــة كــل ماهـــو جديد إضــغط هنــا
تعليقات: 0
إرسال تعليق